Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
bouhamidimohamed

الانسحاب الأمريكي من  الاتفاق النووي  الإيراني والتداعيات الكبيرة  بين الشمولية  و العولمة.

13 Juin 2018 , Rédigé par bouhamidi mohamed Publié dans #Géopolitique

الانسحاب الأمريكي من  الاتفاق النووي  الإيراني والتداعيات الكبيرة  بين الشمولية  و العولمة.

 

  محمد بوحميدي

 

لم يكن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني أمرا مفاجئا بشكل كبير، فالحماس الصهيوني الذي تحلى به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنخرط، وابنته وصهره، في الفكر التوسعي لإسرائيل، بشر بتحول حربي للتحالف الأمريكي مع إسرائيل وبانحياز ترامب وعائلته إلى خطاب الحرب لدى إسرائيل.

إنه لا يمكن تفسير انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الإيراني، فقط، بهذا الميل الأيديولوجي لفريق وصل إلى السلطة ضد إرادة المؤسسة السياسية التي كانت ومازالت تهيمن على واشنطن"، مشيرا إلى أن "الصراع بين الفريق الجديد الذي وصل إلى الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية وبين المؤسسة السياسية المتحكمة في واشنطن يجري منذ الحملة الانتخابية حول نزاع هيكلي هو: العودة إلى العولمة أو الاستمرار في الشمولية.

فترامب "هو بطل العودة إلى السيرة القديمة للعولمة. أي تبني حكامة عالمية، ولكن تحت هيمنة قائد عالمي واحد، وقوة عظمى واحدة، هي الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر نفسها الصانع  الأساسي للانتصار على الشيوعية.

الشمولية أيضا تهدف إلى حكومة عالمية، ولكن بإشراك المراكز التاريخية الكبرى الرأسمالية، وبقايا القوى الصناعية والتجارية. ، فإن الأمر "يتعلق بدفع أمم قديمة إلى الانقراض ودفع الهياكل الحالية المتعالية على الأوطان إلى الحكامة الرأسمالية  العالمية (الاتحاد الأوروبي، ومختلف اتفاقيات التبادل الحر وغيرها من الهياكل).

إن الأمر يتعلق بطريقة انخراط أو تلاشي هذه الحكومات في هيكل شامل يتجاوز الأوطان. وما مجموعة السبعة إلا المظهر الأولى لذلك. وفي هذا المنطق يكون على الولايات المتحدة الأمريكية التخلي عن الحصة الظاهرة للعيان والأكثر صدامية في هيمنتهم، بقبول تبني الاهتمامات العالمية الجديدة مثل مسائل المناخ والاحتباس الحراري للأرض.

بطبيعة الحال هذه الاهتمامات ليس لها اي صلة باهتمامات الطبيعة والحياة ومستقبل كوكبنا. بل بالعكس فإن البحث عن المصلحة والإفراط في استغلال المواد الكيماوية، واختيار البذور يقتل التنوع البيئي، والثروة الحيوانية والنباتية، والمحيط البحري، وينذر بالقضاء على النحل.

إن الحقيقة العميقة للشمولية هي منع النزاعات والحروب بين القوى الإمبريالية بالتحضير لإنقراض الأمم والدول الوطنية وتوجيه كل التناقضات نحو الصين وروسيا ومحاولة منع صعود أية قوة جديدة أو، أي كتلة جديدة لقوى اقتصادية. . فروسيا في هذا تصور مهندسي هذه الشمولية يجب أن تبقى خزانا كبيرا لثروات ضخمة قابلة للنهب كما في عهد يلتسين، وعلى الصين أن تبقى ورشة العالم التي تصدر إليها كذلك صراعات الطبقات والنزاعات الاجتماعية التي كانت تلغم الرأسمالي

والاتفاق على الأنشطة النووية الإيرانية يعد أكثر النماذج إنجازا وأحسن نجاح لهذه الشمولية، فالقوى الإمبريالية عرفت كيف تحافظ على المصالح الاقتصادية لكل طرف بالعودة إلى السوق الإيرانية، وبالمقابل باتت الولايات المتحدة الأمريكية في دور القائد، ولأول مرة ترى نفسها دون هيمنة. وبطبيعة الحال، الاتفاق يكبل، بشكل ما، أيدي الصين وروسيا ويلجمهما بقرار مجلس الأمن.

وبطبيعة الحال، سواء بالنسبة إلى الشمولية كما بالنسبة إلى العولمة الإمبريالية، فإن الناتو هو هيكل القوة والجبر الذي ستبنى عليه أية حكومة عالمية رأسمالية مستقبلية. كانت القاعدة غير المكتوبة لهذا النهج التوافقي، أن الولايات المتحدة تستمر في ضمان القيادة السياسية والعسكرية للعالم، وأن القوى الإمبريالية الأخرى تستفيد من حمايتها، ولكنها بالمقابل تقبل بتطبيق سياسة العقوبات أو الحرب.

إن أي نهج آخر للولايات المتحدة من شأنه أن يتصادم مع مصالح القوى الأخرى التي مازالت القوة الاقتصادية فيها متمسكة بإقليمها الترابي، في حين أن القوة الاقتصادية الأمريكية تتمتع بعنصر بلا أرض، هو الدولار.

 

إن ألشمولية أجتاحت ظروف الشعب الأمريكي الأبيض، مثلما اجتاحت الأوطان. كيف تم هذا التحول وأصبحت سياسة الإدارة الأمريكية المعادية لمصالح كل شعوب العالم، معادية أيضا للشعب الأمريكي الذي أوقف هذه الإدارة الإمبريالية على رجليها؟ إن هذا الشعب الأبيض هو الذي يعتقد أن له الحق في تجاوز كل الشعوب. وهو أيضا الشعب الذي يضمن دعائم الكنائس الأنجيلية التي تريد تسريع عودة المسيح بجمع القبائل اليهودية الإثنا عشر في "أرض" إسرائيل. وبذلك يتحقق حلم التحول العالمي، وقبله تحول اليهود إلى الدين الحقيقي. إنهم يسارعون لرؤية الانتصار الكبير لإسرائيل على كل أعدائها، بما فيهم إيران بالطبع، وإنهم مستعدون للاقتراع، بأعين مغمضة، لصالح أية سياسة حرب ضد أي عدو محتمل لإسرائيل.

إن هذا الشعب الأبيض الفقير، المتدهور الذي يتعرض لشتى أنواع التضييق الاجتماعي، هو القوة الانتخابية الأكبر لسياسة ترامب. تحالف ترامب مع إسرائيل هو تسرب القطاعات الأكثر الرجعية في الولايات المتحدة الأمريكية.

إن الولايات المتحدة الأمريكية بانسحابها من الاتفاق النووي تكون قد وجهت رسالة صارمة

أولها أنها تعلن للقوى الأخرى أنه لا وجود لأي إجماع مقبول حول الشمولية يشكك في الهيمنة الأمريكية. فمصالح إعادة بعث الولايات المتحدة الأمريكية أولى من أية مصالح أخرى. ومن أجل هدم كل الإنجازات السياسية التي حققتها الشمولية والاتفاقات المتعددة، كان على أمريكا ترامب هدم أجمل إنجاز وأخطره بالنسبة إلى التوجه الشمولي، وهو الاتفاق النووي.

ثانيا، يعلن أن بإمكان الأمريكيين، حتى مع وضعهم الدائن بـ 20 ألف مليار دولار، تحمل كلفة تداعيات التناقضات الموجودة بين القوى الإمبريالية. بدليل سياسة الضرائب الشاملة التي انتهجتها مع كل شركائها التجاريين من أجل تخفيض العجز، بما فيها مع ألمانيا.

ثالثا، الإعلان من خلال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، أنها تعطي للاحتلال الإسرائيلي الضوء الأخضر من أجل مستعمرات أكثر، وتهويد أكبر، وغطاء أكثر للإعتداءات المباشرة ضد إيران وسوريا. إنها تعلن في الحقيقة أن لها موافقة كل الدول العربية في المنطقة من أجل تأسيس مع إسرائيل حلفا سياسيا عسكريا ضد إيران.

إنه من المستحيل قياس حجم وتداعيات انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الإيراني إذا لم نأخذ في الحسبان أن ترامب والقوى التي تحمله قد وجهوا ركلة   لشمولية إمبريالية متعددة لصالح عودة العولمة الأحادية القديمة تحت السيطرة والهيمنة الأمريكية.

 

محمد بوحميدي الجزائر 01 جوان 2018.

 

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article